أثر جائحة فيروس كورونا على الثقافة الصحية والتغذوية في المجتمع الأردني



بقلم ناجح ناجي حسن 
مؤسس مبادرة صحتك مصلحتك


تعد جائحة كورونا أحد أكثر الأوبئة التي غيرت الكثير من تفاصيل الحياة التي اعتادها البشر في كافة المجتمعات على مر التاريخ، بدأت من الحجر المنزلي وامتدت لأسابيع ومن ثم لأشهر، أدت هذه الجائحة للجوء إلى إغلاق شبه كامل لكافة الأنشطة في العالم أجمع. والسبب الرئيسي في هذا الإغلاق والحجر هو سهولة وسرعة انتشار فيروس كوفيد19 عبر اللمس والرذاذ، وأيضاً بسبب طول مدة الشفاء من الإصابة.

لقد أثرت هذه الجائحة على القطاع الصحي بشكل كبير حيث أن الثقل الأكبر في مكافحة انتشار الوباء في العالم يقع على الكادر الصحي، ويساعده ويسانده الجانب الأمني يداً بيد. ويعد الالتزام التوعوي والصحي للمواطنين أحد أهم ركائز نجاح كافة الجهود للكادرين والصحي والأمني، من حيث التباعد الاجتماعي بين المواطنين والالتزام بالحجر الصحي، وأيضا بالتقيد بأساليب السلامة الصحية والتغذية السليمة من أجل وقاية أكبر وفرص عدم الإصابة بالفيروس.

وفي الأردن كانت وزارة الصحة بكافة لجانها وكوادرها جنباً إلى جنب مع اللجنة الوطنية للأوبئة،  هي من تحمل الثقل الأكبر يداً بيد مع قوات الجيش والأمن بكافة أطيافها، من أجل الحفاظ على سلامة المقيمين على أرض المملكة الأردنية الهاشمية من مواطنين وضيوف، عبر اساليب التوعية المتعددة.

وقد كان للجانب التغذوي والتغذية الصحية نصيب وافر من عمل الجهات الصحية ضمن مجال التوعية المجتمعية المتكاملة التي أطلقها فريق الأزمة. حيث تم تكثيف وبشكل كبير حول الأساليب الصحية والتغذوية، والتي دوما ندعوا كاختصاصيي التغذية مراجعينا و عبر المحاضرات والنشرات التي يتم إرسالها عبر كافة الوسائل المرئية والمسموعة والالكترونية والورقية، من أجل اتباع النظام الصحي الذي يضمن لكل منا صحة جيدة.
تعد الأغذية التي تساعد على رفع المناعة، ومصطلح المناعة من المصطلحات التي تم التركيز عليها وتم زرعها في ذهن كافة أطياف المجتمع، فأصبح النقاش والحديث والتراسل المستمر حول الأغذية التي ترفع المناعة منتشرة بشكل واسع حتى أصبحت المعلومة في ذهن كافة أفراد العائلة، كما أصبح الحديث عن أهمية المناعة في مواجهة فيروس كوفيد19 وغيره مدار الحديث العام  ويتم نشرها ونقلها بين أفراد المجتمع.

بعد اغلاق كافة  القطاعات التجارية والصناعية في المملكة في شهر آذار 2020 والتي كان منها بطبيعة الحال المطاعم ومحلات الحلويات والمخابز،  برز وقتها نظرة مجتمعية وعائلية بضرورة العودة للطعام المنزلي، حيث بدأت السيدات والأمهات بتعلم وإعداد الحلويات المنزلية والوجبات المنزلية بشكل كامل، والذي أعطى قناعة مجتمعية بسهولة الإبتعاد عن الوجبات السريعة والتي هي أحد أسباب تفشي البدانة والأمراض المرتبطة بارتفاع الدهون. حيث تم البدء بتعلم إعداد وجبات الشاورما في المنزل بعد أن هجرتها العائلات إلى المطاعم سابقا، وبالتأكيد في المنزل سيكون الطعام صحياً أكثر وأكثر نظافة وعناية.

بالنسبة لإغلاق محلات صناعة الحلويات، عادت ربات البيوت بإعداد الحلويات في المنزل والتي تكون أحيانا أقل استخداماً للمواد غير الصحية كما في المطاعم سواء بالدهون أو السكريات، أما مكونات وجبة الإفطار فبعد أن أدمنها المجتمع بشكل شبه تام مثل تناول السندويشات بكافة أنواعها أو وجبة الإفطار الشعبية الأكثر شهرة وهي الحمص والفلافل والفول، فخلال الحجر عادت وجبات الإفطار التي يتم تحضيرها منزلياً إلى الواجهة بشكل كامل.

أما عن الرياضة فبدأت النصائح بممارستها سواء من الرسائل التوعوية من وزارة الصحة أو من وزارة الشباب حيث أنها تساعد الإنسان على تجاوز مرحلة الخمول والحجر والملل وتزيد من التركيز،  وتبقى عادة الاستيقاظ مبكرا هي العادة التي لم يكن لها نصيباً مثل باقي العادات الصحية، فبعد تعطيل كافة المؤسسات الحكومية والخاصة والمدارس والجامعات لفترة والتي تزيد عن شهر، كان معه دخول شهر رمضان في نهاية شهر نيسان، أصبح النوم لوقت متأخر لما بعد الظهر والسهر لأوقات متأخرة من الليل العادة المتبعة عند أغلبيتنا،  والسبب يعود للكثير من العوامل مثل عدم وجود التزام من الأهل والأطفال بالاستيقاظ باكراً أو عدم وجود أنشطة للأطفال يقومون بها.

وقد أصدرت وزارة الشباب الأردنية دليلاً لإدارة الوقت يستطيع الجميع الاستعانه به، كما أصدرت وزارة الثقافة مسابقة موهبتي في بيتي والتي كانت المشاركة بها كفيلة ولو بجزء بسيط بجعل الطفل يستيقظ مبكرا من أجل انجاز أمر ما. ونعتقد أن النوم والاستيقاظ المتأخر  سيكون لهما أثراً سلبياً كبيراً بعد انتهاء فترة الحجر بسبب التغيرات التي صاحبت الساعة البيولوجية في أجسادنا.
أما النظافة والعناية الشخصية وغسل اليدين واستخدام المعقمات، فلقد كان لهما نصيب الأسد من التوعية، وحيث أن غسل اليدين قبل وبعد الطعام في الأوضاع العادية تقي الإنسان من الكثير من الأمراض، وقد تم إضافة فيروس كوفيد19 لها، ونعتقد أن لهذه العادة من الفائدة التي ستنعكس بشكل إيحابي على الأطفال الآن وفي المستقبل.

في الختام، كاختصاصيي تغذية تم نشر الكثير من النصائح والإرشادات  حول التغذية السليمة والتسوق الصحي وتناول الأطعمة الصحية والابتعاد عن الوجبات الجاهزة وتناول الإفطار باكراً وغيرها الكثير، فقد تم طباعة بروشور بعنوان إرشادات تغذوية لحياة صحية ضمن مبادرة صحتك مصلحتك وتم توزيعه مع محاضرات توعية كان الهدف منها الوقاية، كما يوجد العديد والعديد من الإرشادات الصحية والتغذوية التي نشرها الزملاء عبر كافة الوسائل. لكن وبدلا من اتباع إرشادات للوقاية، تم اليوم اتباعها خلال الجائحة العالمية، ومن هنا ندعو الجميع أن يكون أسلوب الحياة الصحي هو منهجهم ومنهج أبنائهم دوماً لينعمو بحياة صحية سواء خلال جائحة كورونا أو ما بعد زوالها إن شاء الله.



Comments